الأحد، 25 يناير 2009

الدعاية الإسرائيلية تختزل الحرب على غزة باستهداف "حماس"




يخوض الإعلام الإسرائيلي حملة دعائية مركزة تستهدف تصوير ما يجري من حرب ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، على أنه مجرد مواجهة مع حركة "حماس" وإهمال ذكر فصائل المقاومة الأخرى، كما يصورها على أنها مجرد ذراع عسكري يطلق الصواريخ، بما يخدم أهدافاً مُبهمة.

فحتى عندما يصف كاردينال بارز بالفاتيكان الوضع المأساوي في قطاع غزة بمعسكر اعتقال، تكون الاتهامات الرسمية الإسرائيلية جاهزة، بأن الأمر يتعلق بتقمص لدعاية حركة المقاومة الإسلامية (
حماس)، هكذا جاء رد وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس الأربعاء على الكاردينال ريناتو مارتينو، الذي يترأس المجلس البابوي للعدالة والسلام بالفاتيكان.

فسيل التصريحات الإسرائيلية في سياق التطورات الأخيرة لا ينقطع، وهو يأتي بلغات عدة تخاطب الداخل الإسرائيلي، وتتوجه للساحات العربية، وتحاول التأثير في بقاع العالم أجمع.

وفي هذه التصريحات تأتي الرواية أحادية ومتجانسة بشكل ممل ومتكرر بلا هوادة، تضخها آلة دعائية حددت مضامين الخطاب الملائم لموسم العدوان والمذابح. والملمح الجوهري هو مفردة "حماس". تجاهل كتائب القسامصحيح أن حضور "حماس" وامتدادها الجماهيري والمؤسسي هو الأعرض والأعمق في قطاع غزة، وأن مقاتليها يشكلون مركز الثقل العددي والنوعي في واقع المقاومة، لكن ذلك كله لا يفسر التوجه الاختزالي لما يجري في "حماس"، خاصة أن صور التناول الإسرائيلي تحرص أيضاً على تغييب اسم الجناح العسكري للحركة "كتائب عز الدين القسام"، ذاته.


اتضح ذلك من خلال الرصد التحليلي الذي أجرته وكالة قدس برس طوال اثني عشر يوماً من العدوان الإسرائيلي الجاري على قطاع غزة، الذي دارت رحاه منذ السبت، السابع والعشرين من الشهر الماضي وما زالت تدور.

وشمل الرصد عيِّنات وفيرة من الأنباء والتقارير والتعليقات في وسائل إعلام إسرائيلية مرئية ومسموعة ومقروءة وإلكترونية، وبيانات جيش الاحتلال، وإفادات المتحدثين باسمه.
ويبدو بشكل جليّ أن الآلة الدعائية الإسرائيلية، تتعمّد تجاهل الإشارة إلى جناح حماس العسكري، الذي يحمل اسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، والذي يعد أكبر أذرع المقاومة الفلسطينية، وله بنية مستقلة وآليات عمل ذاتية.

كما تغفل تلك الآلة -في الوقت ذاته وبشكل مُطبِق- الإشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية المتنوِّعة، أو أذرعها العسكرية التي تقف في صفوف المواجهة والتصدي بالتعاون والشراكة مع "كتائب القسام".

مقاصد محددةمن المؤكد أن للدعاية الإسرائيلية مقاصد محدّدة من هذا التوجّه المركّز، وأحد هذه المرامي، يتضح في محاولة تصوير حركة حماس بكافة أقسامها ومجالات حضورها ونشاطها وأجنحتها المتخصصة على أنها حالة أحادية متجانسة.

وبهذا تدفع الآلة الإسرائيلية الدعائية باتجاه تبرير الاستهداف الشامل لكل البنى والهياكل والمؤسسات والأشخاص في قطاع غزة، حتى في المجالات ذات الحصانة الشديدة، كالمساجد والجامعات والمدارس مع ترويج روايات مختلقة كذرائع تأتي جاهزة بدون عناء.

ومن جانب آخر فإن الدعاية الإسرائيلية تلك ترمي إلى تقديم صورة مُقوْلبة عن حركة حماس، خلافاً للواقع باعتبارها مجرد ذراع عسكري يطلق الصواريخ، بما يخدم أهدافاً مُبهمة جرى الحديث عنها إسرائيلياً من قبيل تقويض حركة حماس.

ويذهب التوجه الإسرائيلي إلى محاولة تأليب الشعب ضد حماس، بما يتوافق وبشكل صارخ مع مضامين المنشورات التي ألقاها الطيران الحربي الإسرائيلي على رؤوس الفلسطينيين في القطاع، ثلاث مرات على الأقل خلال الأيام التي يشملها رصد قدس برس.

اللعب على التناقضاتواتضح من البلاغات والأنباء الإسرائيلية ذات الصلة بالتطورات الميدانية أنه لا إشارة تقريباً إلى فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، رغم أن حضور بعض هذه الأذرع يبدو واضحاً من خلال الأداء الميداني في الواقع إلى جانب كتائب القسام.

وثمة ما يمنح الانطباع بأن الآلة الدعائية الإسرائيلية ترمي من خلال ذلك إلى اللعب على بعض التناقضات الفلسطينية الداخلية، بخاصة عبر محاولة مُفترَضة لاستمالة قطاع من المعارضين لخط حركة حماس في ظل الانقسام الراهن في الساحة الفلسطينية.

انعكاسات بالإعلام العربيمن الاستنتاجات المثيرة للانتباه أن رصد قدس برس التحليلي يوضح أن مضامين الدعاية الإسرائيلية تجد انعكاسات وأصداء، وتأثيرات ارتدادية، في الخطاب السياسي لبعض الدول والأطراف العربية.

وهناك في المحصِّلة مسؤولون عرب مضَوْا بعيداً في تحميل حركة حماس المسؤولية الكبرى أو الجزئية عن اندلاع الحرب، وأخذت الآلات الإعلامية الرسمية هنا وهناك تلوك الموقف الرسمي المعلن على طريقتها.

كما لوحظ أن تقارير قنوات إخبارية ومحطات تلفزيون وصحف ومواقع إلكترونية، قد عبّرت بدرجة نسبية متفاوتة، عن منحى شبيه. ويمنح ذلك الانطباع أن الدعاية الإسرائيلية مرشحة لإخفاقات تبدو ملموسة، لكنها في الوقت ذاته تحقق نجاحا حيث لا يبدو متوقعاً أحياناً.

المصدر:
قدس برس

ليست هناك تعليقات: