الأحد، 25 يناير 2009

الدعاية الإسرائيلية تختزل الحرب على غزة باستهداف "حماس"




يخوض الإعلام الإسرائيلي حملة دعائية مركزة تستهدف تصوير ما يجري من حرب ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، على أنه مجرد مواجهة مع حركة "حماس" وإهمال ذكر فصائل المقاومة الأخرى، كما يصورها على أنها مجرد ذراع عسكري يطلق الصواريخ، بما يخدم أهدافاً مُبهمة.

فحتى عندما يصف كاردينال بارز بالفاتيكان الوضع المأساوي في قطاع غزة بمعسكر اعتقال، تكون الاتهامات الرسمية الإسرائيلية جاهزة، بأن الأمر يتعلق بتقمص لدعاية حركة المقاومة الإسلامية (
حماس)، هكذا جاء رد وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس الأربعاء على الكاردينال ريناتو مارتينو، الذي يترأس المجلس البابوي للعدالة والسلام بالفاتيكان.

فسيل التصريحات الإسرائيلية في سياق التطورات الأخيرة لا ينقطع، وهو يأتي بلغات عدة تخاطب الداخل الإسرائيلي، وتتوجه للساحات العربية، وتحاول التأثير في بقاع العالم أجمع.

وفي هذه التصريحات تأتي الرواية أحادية ومتجانسة بشكل ممل ومتكرر بلا هوادة، تضخها آلة دعائية حددت مضامين الخطاب الملائم لموسم العدوان والمذابح. والملمح الجوهري هو مفردة "حماس". تجاهل كتائب القسامصحيح أن حضور "حماس" وامتدادها الجماهيري والمؤسسي هو الأعرض والأعمق في قطاع غزة، وأن مقاتليها يشكلون مركز الثقل العددي والنوعي في واقع المقاومة، لكن ذلك كله لا يفسر التوجه الاختزالي لما يجري في "حماس"، خاصة أن صور التناول الإسرائيلي تحرص أيضاً على تغييب اسم الجناح العسكري للحركة "كتائب عز الدين القسام"، ذاته.


اتضح ذلك من خلال الرصد التحليلي الذي أجرته وكالة قدس برس طوال اثني عشر يوماً من العدوان الإسرائيلي الجاري على قطاع غزة، الذي دارت رحاه منذ السبت، السابع والعشرين من الشهر الماضي وما زالت تدور.

وشمل الرصد عيِّنات وفيرة من الأنباء والتقارير والتعليقات في وسائل إعلام إسرائيلية مرئية ومسموعة ومقروءة وإلكترونية، وبيانات جيش الاحتلال، وإفادات المتحدثين باسمه.
ويبدو بشكل جليّ أن الآلة الدعائية الإسرائيلية، تتعمّد تجاهل الإشارة إلى جناح حماس العسكري، الذي يحمل اسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، والذي يعد أكبر أذرع المقاومة الفلسطينية، وله بنية مستقلة وآليات عمل ذاتية.

كما تغفل تلك الآلة -في الوقت ذاته وبشكل مُطبِق- الإشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية المتنوِّعة، أو أذرعها العسكرية التي تقف في صفوف المواجهة والتصدي بالتعاون والشراكة مع "كتائب القسام".

مقاصد محددةمن المؤكد أن للدعاية الإسرائيلية مقاصد محدّدة من هذا التوجّه المركّز، وأحد هذه المرامي، يتضح في محاولة تصوير حركة حماس بكافة أقسامها ومجالات حضورها ونشاطها وأجنحتها المتخصصة على أنها حالة أحادية متجانسة.

وبهذا تدفع الآلة الإسرائيلية الدعائية باتجاه تبرير الاستهداف الشامل لكل البنى والهياكل والمؤسسات والأشخاص في قطاع غزة، حتى في المجالات ذات الحصانة الشديدة، كالمساجد والجامعات والمدارس مع ترويج روايات مختلقة كذرائع تأتي جاهزة بدون عناء.

ومن جانب آخر فإن الدعاية الإسرائيلية تلك ترمي إلى تقديم صورة مُقوْلبة عن حركة حماس، خلافاً للواقع باعتبارها مجرد ذراع عسكري يطلق الصواريخ، بما يخدم أهدافاً مُبهمة جرى الحديث عنها إسرائيلياً من قبيل تقويض حركة حماس.

ويذهب التوجه الإسرائيلي إلى محاولة تأليب الشعب ضد حماس، بما يتوافق وبشكل صارخ مع مضامين المنشورات التي ألقاها الطيران الحربي الإسرائيلي على رؤوس الفلسطينيين في القطاع، ثلاث مرات على الأقل خلال الأيام التي يشملها رصد قدس برس.

اللعب على التناقضاتواتضح من البلاغات والأنباء الإسرائيلية ذات الصلة بالتطورات الميدانية أنه لا إشارة تقريباً إلى فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، رغم أن حضور بعض هذه الأذرع يبدو واضحاً من خلال الأداء الميداني في الواقع إلى جانب كتائب القسام.

وثمة ما يمنح الانطباع بأن الآلة الدعائية الإسرائيلية ترمي من خلال ذلك إلى اللعب على بعض التناقضات الفلسطينية الداخلية، بخاصة عبر محاولة مُفترَضة لاستمالة قطاع من المعارضين لخط حركة حماس في ظل الانقسام الراهن في الساحة الفلسطينية.

انعكاسات بالإعلام العربيمن الاستنتاجات المثيرة للانتباه أن رصد قدس برس التحليلي يوضح أن مضامين الدعاية الإسرائيلية تجد انعكاسات وأصداء، وتأثيرات ارتدادية، في الخطاب السياسي لبعض الدول والأطراف العربية.

وهناك في المحصِّلة مسؤولون عرب مضَوْا بعيداً في تحميل حركة حماس المسؤولية الكبرى أو الجزئية عن اندلاع الحرب، وأخذت الآلات الإعلامية الرسمية هنا وهناك تلوك الموقف الرسمي المعلن على طريقتها.

كما لوحظ أن تقارير قنوات إخبارية ومحطات تلفزيون وصحف ومواقع إلكترونية، قد عبّرت بدرجة نسبية متفاوتة، عن منحى شبيه. ويمنح ذلك الانطباع أن الدعاية الإسرائيلية مرشحة لإخفاقات تبدو ملموسة، لكنها في الوقت ذاته تحقق نجاحا حيث لا يبدو متوقعاً أحياناً.

المصدر:
قدس برس

بحرب نفسية وإعلامية.. إسرائيل تدفن جرائمها النازية

ثلاثي الحرب الهمجية.. هل يفلتون من العقاب؟

في سبعينيات القرن الماضي قالت جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك عبارة شهيرة كانت ترد بها على انتقادات بأن حكومتها تقتل أطفال فلسطين هي: "يمكننا أن نغفر للعرب قتلهم لأطفالنا، لكننا لا نستطيع أن نغفر لهم أبدا أنهم جعلونا نقتل أطفالهم"؟!.
وفي يناير 2009، قالت تسيبي ليفني (جولدا مائير الجديدة) وزيرة خارجية إسرائيل، إنهم لا يكرهون أطفال غزة، وإنها حزينة؛ لأن حماس تتخذ من هؤلاء الأطفال دروعا لها في حربها مع الجيش الإسرائيلي، ولم ينس رئيس الوزراء أولمرت أن يقول لصحيفة معاريف إنه "بكى عندما شاهد أبا فلسطينيا يعرض أطفاله الثلاثة المقتولين على وسائل الإعلام"!.
ما يقوله القادة الصهاينة يندرج في إطار الحرب النفسية والإعلامية والمحاولات المستميتة منذ نشأة الدولة العبرية لترسيخ قناعة لدى الرأي العام العالمي بأن إسرائيل دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وأنها تدافع عن وجودها ضد من يريدون القضاء عليها، ولا تقتل الأطفال وإنما هم الذين يقفون أمام مدافع جنودها!
هل لاحظتم مثلا كيف تعاملت دولة الاحتلال مع محرقة غزة بمراحلها الثلاث: تمهيد الأجواء للعدوان، وخلال العدوان، وبعد توقف العدوان؟.. وهل لاحظتم أن تل أبيب كانت تخوض حربا دعائية نفسية موازية للحرب العسكرية على الأرض، وكيف حققت مكاسب من وراء هذه الحرب الموازية تمثلت في موقف العالم المتفرج على سقوط مئات الأبرياء المدنيين لمدة ثلاثة أسابيع؟!.
هل تنبه أحد لقول الناطقة الرسمية باسم الجيش الإسرائيلي "أفيتال ليبوفيتش" في بداية العدوان: إن "كل وسائل الإعلام بما فيها الجديدة وعالم التدوين يشكلون معارك جديدة في إطار الصراع حول كسب الرأي العام العالمي، وأن خوض هذه المعركة من الأهمية بمكان"، أو لإلحاح أولمرت طوال العدوان على أنه "ينفذ رغبات زعماء عرب اتصلوا به وطلبوا منه الإجهاز على حماس، وأنه بكى لرؤية أطفال صغار ماتوا، أو لاحظ أحد تحرك تل أبيب بقوة ضد اتهامات المنظمات الإغاثية وجماعات حقوقية، حتى بدأت هذه المنظمات تشيد بتعاون إسرائيل معها وتتراجع عن طلبها محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة؟.
هل سمعتم الفكاهات والطرائف التي أطلقتها تل أبيب عقب العدوان – بالتوازي مع بدء نشطاء قانونيين أوروبيين تدبيج العرائض لمحاكمة القتلة أمام محاكم دولية- عن أنها بصدد التحقيق في استخدام الفسفور الأبيض في بعض المدن، وأنهم تأكدوا من نبل جنود الاحتلال الذين استخدموا هذا الفسفور في المناطق الجبلية فقط، كما يسمح بذلك القانون الدولي لا بين المدنيين؟!.
هل تنبهتم لتركيز تل أبيب على حروب ما بعد معركة غزة العسكرية، خاصة (الحروب النفسية) لإجهاض نجاح المقاومة و(الاقتصادية) باستمرار الحصار وغلق المعابر و(السياسية والعسكرية) بجلب سجانين جدد من أوروبا وأمريكا والناتو لمزيد من الحصار ومنع تجديد دماء المقاومة بالسلاح؟ وما قالته تسيبي ليفني عن هذا المعنى، عندما خاطبت أوروبا، بالقول: "إن الحرب على حماس هي معركة ضد الإرهاب الإسلامي لا الشعب الفلسطيني"؟.
في سياق حروب ما بعد غزة هذه، توظف تل أبيب المواقف العربية الرسمية الصامتة على جرائمها في غزة، ومواقفها المنخرطة في سياق الأهداف الإسرائيلية حول قضايا منع تهريب السلاح أو الترتيبات الأمنية الجديدة لدفن جرائمها في غزة وتحويل المعركة نحو وجهة أخرى هي سلاح المقاومة على جرائم المحتل!.
وقد ظهر هذا في ترويج تل أبيب لعقد اتفاقيات أمنية تارة مع أمريكا وتارة مع فرنسا وتارة مع مصر بدعوى منع تهريب السلاح لغزة، والاستفادة في هذا من المواقف العربية الرسمية المدافعة أو الصامتة أو المؤيدة لهذه الاتهامات بشكل غير مباشر.
مراحل الحرب الدعائية
يقول الكاتب الأمريكي من أصل عربي "جيمس زغبي"، في دراسة تحت عنوان "آلة الحرب الدعائية الإسرائيلية"، نشر موجزها موقع المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب، أن إسرائيل تخوض حربا دعائية بنفس قوة العدوان على الأرض.
وفي تحليل لكيفية عمل هذه الآلة الدعائية في الترويج لوجهة النظر الإسرائيلية وتبرير العدوان على غزة في الإعلام الأمريكي، يقول زغبي: إن "الحرب الدعائية الإسرائيلية كانت مكونا ضروريا في نجاح إسرائيل المبكر في قدرتها على إطالة القتال دون إعاقة أمريكية".
ويحدد "زغبي" سبع خطوات لآلة الدعاية الإسرائيلية تم الاعتماد عليها في حرب غزة الأخيرة، وهي:ـ
1ـ تحديد مصطلحات المناظرة"؛ بمعنى إرساء مفهوم أن نقطة بداية الصراع الأخير في غزة هو 19 ديسمبر، تاريخ إعلان حماس انتهاء فترة الهدنة التي استمرت ستة أشهر؛ والزعم أنه "من طرف واحد من جانب حماس"، مقابل تجاهل الإسرائيليين انتهاكهم للهدنة في كل شهورها، وعدم التزامهم بوقف إطلاق النار أو فتح الحدود مع غزة.
2ـ "الصور النمطية" التي استقرت طوال أجيال لصالح إسرائيل، خصوصا التأكيد على "الإنسانية" الإسرائيلية و"معاناة الشعب اليهودي" من هطول الصواريخ عليه كأنها هي المشكلة دون التركيز على المعاناة الأكبر في حصار غزة ومعاناة حتى المرضى في العلاج لعدم توافره، وقد ظهر هذا في محاولة وسائل الإعلام الأمريكية إعطاء معالجة مطولة بالصور لبعض الإسرائيليين الخائفين من صواريخ المقاومة وتأثير الحرب عليهم، أما معاناة الفلسطينيين، فتم الإقلال من قدرها لتصبح مجرد أرقام يتم تبريرها باعتبارها "أضرارا جانبية" collateral damages.
3ـ لعبت إسرائيل على "أخطاء الخصم"؛ فاستغلت إطلاق الصواريخ من قبل حماس لتبرير شن العدوان على غزة، وهي تعلم أنها ستحظى بتعاطف الغرب.
4ـ حرص ماكينة الدعاية الإسرائيلية على "الظهور في كل مكان، وقول نفس الشيء والتأكد من بقاء الخصوم مختفين قدر الإمكان"، وتوفير العديد من الأشخاص الذين يتقنون الإنجليزية، وغالبا ما يكونون مولودين في الغرب، لجميع وسائل الإعلام، بحيث يمكن نشر وجهة نظرها في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
5ـ عدم إعطاء الفرصة للخصم، وذلك من خلال تكاتف الكونجرس والبيت الأبيض مع المتحدثين باسم إسرائيل في التعبير عن وجهة نظر واحدة، أي الربط بين الحملة الإعلامية والمواقف السياسية.
6ـ إنكار ماكينة الدعاية الإسرائيلية الحقائق وإلقاء اللوم على الخصم في مقتل المدنيين الفلسطينيين، مثل حجة "نحن لم نفعل هذا، هم جعلونا نفعله".
7ـ "الملجأ الأخير"، وهو رفع سلاح معاداة السامية عندما لا تفلح الخطوات السابقة، بحيث يصبح الدافع وراء أي انتقاد لإسرائيل هو "معاداة السامية"!.
حرب الإنترنت واليوتيوب
ولم تقتصر هذه الحرب الدعائية على وسائل الإعلام المرئية كالفضائيات، وإنما ركزت على الفضاء الإلكتروني، فما إن بدأت حرب الطائرات والدبابات على غزة، حتى اندلعت حرب أخرى على الهواء بين نشطاء الإنترنت العرب والمسلمين من جانب، والنشطاء والمواقع الصهيونية من جانب آخر.
واندلعت حرب "كلامية" وحرب أخرى نفسية بين الـ "بلوجرز" أو "مدوني" الطرفين تفوق فيها الصهاينة نسبيا؛ لأنهم ركزوا على كسب ود وتعاطف الأجانب – بالأكاذيب – بمخاطبتهم باللغة الإنجليزية.
وبالمقابل ظلت المدونات العربية تنطح غالبا في الصخر وتركز على الشتائم والتخوين، وإن نجحت في تحقيق انتصارات في بعض الحالات في المدونات الإنجليزية مثل نشر صور تقارن بين ما حدث لليهود على أيدي النازي، وما فعله اليهود في غزة من أفعال أشنع، والتي كان لها آثار إيجابية على تعاطف الأجانب مع غزة.
وقد ظهرت استعدادات إسرائيلية مبكرة لهذا المعركة، فقد تعلموا الدرس من حرب لبنان 2006، وهو ما لم يقابل بزخم أكبر من النشطاء العرب ربما بسبب الإحباط الناتج عن رد فعل الحكومات العربية السلبي على المجزرة، أو بسبب الحملة الصهيونية الدعائية النفسية التي ركزت على أن هناك حكومات عربية تبارك هزيمة حماس وتكسير عظامها؛ مما أثار بلبلة بين النشطاء وحول "وحدتهم" بشأن نصرة غزة إلى "فرقة" أو "تشرذم"، و"شتائم" في الأنظمة دون تقديم حلول ونصرة فعلية للشهداء أو لكيفية محاكمة مجرمي الحرب!.
وهنا يمكن رصد إعلان الجيش الإسرائيلي بالتوازي مع شن عدوانه العسكري على غزة، أن الإنترنت "منطقة حرب"، وبالتالي نشط المدونون والنشطاء الصهاينة في الدولة العبرية ويهود العالم المتعاطفين معهم لإطلاق حملة إعلامية ودعاية نفسية في المدونات والمواقع المختلفة لتجميل صورة الدولة الصهيونية وعدم خسارتها المعركة الإعلامية، كما حدث في حرب لبنان.
ضمن هذه الحملة الإعلامية سعى الجيش الإسرائيلي مثلا –وفق إذاعة هولندا– لاستغلال المجندات الإسرائيليات والعاملات في مجال العلاقات العامة والتوجيه ودفعهن إلى الواجهة للتحدث باسمه، كما عمد إلى قصف الصحافيين الأجانب عبر البريد الإلكتروني والرسائل القصيرة بمعلومات تنقل وجهة نظر الجانب الإسرائيلي، وإرسال فرق إعلامية للعالم فور انتهاء معركة غزة لترميم الصورة الإسرائيلية في العالم وإجهاض محاكمة قادتها كمجرمي حرب، واستمرار الترويج لخطر حماس والعمل على حظر الأسلحة تماما عنها.
ومن النجاحات الإسرائيلية المؤثرة غربيا، قيام الجيش الإسرائيلي بإنشاء محطة فيديو خاصة على موقع (يوتيوب) الشهير هدفها إثبات أن من يقتلهم الجيش هم من مقاتلي حماس المسلحين لا المدنيين الأبرياء، مثل بث فيديو يزعم أنه لعملية قصف لمقاتلين في حركة حماس وهم ينقلون الأسلحة والصواريخ، حيث تظهر مثلا مجموعة من الرجال منهمكة في شحن مواسير طويلة في الصندوق الخلفي للسيارة، وتؤكد إسرائيل أن تلك المواسير (أنابيب الطهي!) هي في الحقيقة صواريخ القسام، وعندما تنفجر السيارة ويتلاشى الضحايا يقولون (في الشريط): "لقد تعرض هؤلاء الإرهابيون للقصف من جيشنا".
وإلى جانب "يوتيوب"، لجأ الإسرائيليون إلى "تويتر"، وهو موقع للعلاقات الاجتماعية، استعانت به القنصلية الإسرائيلية في نيويورك لتبرير العدوان على غزة عبر مجموعة من المحاضرات. وفي إحدى الندوات بالقنصلية عبر برنامج "تويتر"، الذي يخول لمستخدمه التواصل والنقاش المباشر مع مستخدمين آخرين، تمكن مستخدمو البرنامج من كل أرجاء العالم من طرح أكثر من 400 سؤال على القنصلية الإسرائيلية، وتتبع النقاش أكثر من 3 آلاف مستخدم للبرنامج اقتنع الكثير منهم بوجهة النظر الإسرائيلية!.
ردود "معلبة" على الاتهامات!
وضمن هذه الحملة والآلة الإعلامية ردوا على كل الاتهامات التي وجهت لهم.. فتمزيق وحرق المصاحف وهدم 23 مسجدا، روجوا مقابلها أكاذيب معلبة تقول: معبد يهودي دمرته صواريخ حماس، وإن المساجد كانت مقرات لتخزين المتفجرات، بل ووضعوا فيديو على مواقع فيس بوك وتويتر يصور متفجرات داخل ما يشبه مسجدا!
وللرد على قتلهم الأطفال وترويعهم، نشروا صورا لأطفال يهود يبكون أو يصرخون في بعض المستوطنات، وصورا أخرى مفبركة لأطفال يلهون بجوار مقاتلي حماس قالوا إن حماس تتخذهم دروعا وتهاجم جنودنا!.
وللرد على ضرب قرابة 35 مقرا للأنروا تابعة للأمم المتحدة، قالوا إن بعضها قصف خطأ والبعض الآخر أطلق منه مسلحو حماس الصواريخ، وخرج أولمرت ليؤكد أنهم قصفوها بالفعل؛ لأن الصواريخ تنطلق منها، كما بثت إسرائيل فيلما لمقاومين فلسطينيين وهم يطلقون النار من مدرسة بغزة لتبرير فعلتهم بالفاخورة، برغم أن ذلك الفيلم كان لحادثة وقعت سنة 2007.
وردًّا على قصف منازل المدنيين واحتمالات مواجهة موجة دعاوى دولية تتهمهم بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، قال الجيش الإسرائيلي إنه يعد "ملف تجريم" لكل بيت تم قصفه(!)، والادعاء أنه تم إطلاق النار منه وتخزين أسلحة فيه لإظهار أن هذه البيوت استخدمتها الفصائل الفلسطينية لأغراض عسكرية.
صرف الأنظار عن جرائم الحرب
والمعركة الأهم والأقوى التي يخوضونها الآن هي معركة استخدام أسلحة محرمة ومخاوف من محاكمة مجرمي الحرب منهم، فقد نفوا في البداية استخدام أسلحة محرمة، وعندما أكدت منظمات دولية تلك الجرائم، قالوا إنهم يحققون في الأمر بجدية، ثم بدأت سلسلة خطوات دعائية ونفسية وإعلامية لصرف الأنظار عن هذه الجرائم وإبعاد الانتباه عنها لقضايا أخرى مثل تهريب حماس للسلاح.
وضمن هذه الخطة كانت استضافة ستة زعماء أوروبيين في إسرائيل لاستغلال تبريرهم "الحرب على الإرهاب"، في اعتبار أن الجرائم الصهيونية "دفاعًا عن النفس"، ما سيساعد إسرائيل على مواجهة دعاوى أمام محاكم دول أجنبية.
وضمن هذه الاستعدادات أيضا، جاءت خطط منع نشر أسماء ورتب وصور الضباط الإسرائيليين في الصحف، وحصول الضباط الإسرائيليين الذين يعتزمون السفر إلى أوروبا، بصفة شخصية أو في إطار العمل، على تعليمات من النيابة العامة العسكرية أو منع بعضهم من مغادرة إسرائيل بسبب التخوف من صدور أوامر اعتقال دولية ضدهم بتهمة اقترافهم جرائم حرب في غزة كما حدث ضد آخرين عقب الانتفاضة الثانية عندما قدمت دعاوى ضد سياسيين وضباط إسرائيليين إلى محاكم محلية في دول أوروبية، ونتج عن بعضها صدور أوامر اعتقال دولية بحقهم.
والخطوة الأخيرة كانت قيام الحكومة ببلورة خطة متكاملة لإعادة تحسين صورة إسرائيل في الخارج، لاسيما ما يتعلق بمجال حقوق الإنسان على خلفية عدوانها على غزة، وإعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها قامت بتكوين "طاقم عمل" مهمته العمل إعلاميا ودبلوماسيا لتبرير العمليات العسكرية لإسرائيل في القطاع، والترويج لعمليات المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية التي من المقرر أن تقدمها إسرائيل لغزة.
والخطورة الحقيقية أن الحملة الإعلامية والنفسية الإسرائيلية تسعى هذه المرة ليس فقط للدفاع عن جرائم الحرب الصهيونية، وإنما الاستفادة من زخم الخلافات العربية وعداء أنظمة عربية لحماس، واتخاذ المسار السياسي والأمني الراهن لمنع وصول الأسلحة إلى قطاع غزة، لدفن جرائمها ومنع المحاكمات المتوقعة لقادتها، وتحويل دفة الحديث عن الجرائم إلى مشكلة أخرى هي حماس "الإرهابية" ووقف تهريب السلاح للمقاومة، وهي خطوة توشك أن تنجح فيها إسرائيل بعدما بدأت الحكومات الأوروبية خطوات عملية لهذا الغرض، مثل إرسال الفرقاطة الفرنسية لمراقبة شواطئ غزة بالاتفاق مع مصر، واستعداد سفن أخرى أمريكية وأطلسية لتحرك مماثل!!

تفكيك آلة الدعاية الإسرائيلية

بقلم جيمس زغبي كاتب أمريكي من أصل عربي

مثلما حدث في النزاعات الشرق أوسطية السابقة، واصل الإعلام الأميركي والتعليقات السياسية المبثوثة عبره دائماً مسايرتهما وتأكيدهما للرؤية الإسرائيلية للنزاع. ويعد انحياز الإعلام الأميركي المستمر للخط الإسرائيلي، أحد المكونات الرئيسية للنجاح الذي أحرزته إسرائيل في مواصلة عدوانها وحروبها على الفلسطينيين، دون أن تتصدى لها واشنطن أو تمارس أي ضغوط عليها.


ولعلم إسرائيل بأهمية الحرب الدعائية في عدوانها على الفلسطينيين، فهي تخوضها بذات الشراسة التي تخوض بها حروبها الفعلية في ساحات القتال.


وفيما يلي نفكك الوسائل والآليات التي تعمل بها ماكينة الدعاية تلك.


أولاً: بادرْ بتحديد شروط الحوار لكي يتحقق لك النصر فيه. والمقصود بهذا تحديد الطريقة التي ينبغي أن يفهم بها الجمهور منطق الحرب ودوافعها. فعلى سبيل المثال، لا تكف الدعاية الإسرائيلية عن تكرار كذبة أن حربها الحالية على غزة قد بدأت في التاسع من ديسمبر الماضي، إثر الإعلان الأحادي من جانب "حماس" عن نهاية فترة التهدئة المتفق عليها بين الطرفين. ومقابل هذا التأكيد، تتعمد الدعاية الإسرائيلية تجاهل حقيقة أن إسرائيل حولت القطاع إلى منطقة تابعة لها ومعتمدة عليها في كل شيء، وهو وضع خلقته إسرائيل منذ مدة طويلة سابقة لانسحابها من القطاع في عام 2005، واستمر حتى بعد الانسحاب. وتستفيد إسرائيل في هذا من عاملين رئيسيين هما إدراكها لعدم متابعة الجمهور الأميركي اليومية لما يجري في المنطقة، وميله لتصديق ما تكرره وسائل الإعلام، مع العلم أن هذه الوسائل لا تكف عن تفسير مجرى الحرب بمنطقها الإسرائيلي.


ثانياً: جدوى تكرار الصورة النمطية. فقد تواصل تصوير النزاع الإسرائيلي/ الفلسطيني، بصورة نمطية إيجابية لصالح الإسرائيليين دائماً، مقابل صورة سلبية ملصقة بالفلسطينيين. وعليه فقد سهل على مهندسي الدعاية الإسرائيلية استثمار هذا التراث التضليلي.

فالوجه الإنساني السلمي هو دائماً من نصيب الإسرائيليين، بينما تنسب إلى الفلسطيني الدموية والعنف. وكانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير هي أول من بادر إلى رسم هذه الصورة بقولها: "نستطيع أن نغفر للعرب قتلهم لأبنائنا، لكننا لن نغفر لهم مطلقاً إرغامنا على قتل أبنائهم". وبرغم عدم التناسب ما بين معاناة الشعب الفلسطيني من الحرب قياساً إلى الإسرائيليين، تميل وسائل الدعاية إلى "موازنة" صور معاناة الحرب هذه بإظهارها لمآسي الإسرائيليين جراء "العدوان" الفلسطيني عليهم!


ثالثاً: تنبأ بأخطاء العدو المحتملة واستثمرها لصالحك. في هذا التكتيك الدعائي، استفادت ماكينة الدعاية الإسرائيلية كثيراً من أخطاء "حماس". فمنذ البداية كانت إسرائيل تدرك احتمال إطلاق مقاتلي الحركة للصواريخ على بلداتها المجاورة، وهو ما تعلم إمكانية استثماره في كسب تعاطف الغرب معها. وبذلك فقد حققت "حماس" لإسرائيل أحد أهم عناصر استراتيجيتها الدعائية.


رابعاً: الانتشار في كل مكان مع الحرص على تغييب العدو. فلا تخلو مدينة من مدن العالم الغربي من وجود "متحدث" باسم إسرائيل قادر على توصيل رسالتها الدعائية باللغة الإنجليزية وكافة اللغات لأي من وسائل الإعلام الغربية. وفي الوقت نفسه أمنت إسرائيل حصانة لنفسها من التغطية الإعلامية المحايدة لما يجري في حربها على القطاع، بمنع دخول الصحفيين الدوليين إليه.


خامساً: سخر كل الساحات والوسائل لمصلحة رسالتك الدعائية. لعلمها بدور القادة السياسيين في صنع نصف القصة الإعلامية المبثوثة عن النزاع، فإن ماكينة الدعاية الإسرائيلية لا تفوت فرصة لتسخير البيت الأبيض والكونجرس لمصلحة تأكيد خطها الدعائي وخدمته. وبذلك فهي تستفيد كثيراً من التصريحات والبيانات الصادرة عن هاتين المؤسستين الأميركيتين القياديتين.


سادساً: الإنكار والمغالطة وعكس الحقائق. وهذا ما تفعله إسرائيل بنفيها لقتل المدنيين في القطاع ومحاولة إضفاء صورة "إنسانية" على حربها الوحشية الهمجية. وإذا ما اشتدت عليها الضغوط والانتقادات العالمية، فهي قادرة على التنصل دائماً من مسؤوليتها عما يجري بقولها: لقد أرغمونا على فعل ذلك. وهكذا تنفي عنها المسؤولية وتحملها للطرف الآخر من النزاع. فإسرائيل هي "الضحية" دائماً.


سابعاً: النفخ في فزاعة العداء للسامية. وهي السلاح الأخير الذي تحتمي به إسرائيل فيما لو تزايدت عليها الضغوط والانتقادات. فما أن ترفعها حتى يتحول المنتقدون والغاضبون عليها، من خانة الهجوم إلى خانة الصمت والدفاع عن النفس مباشرة.

Mon, 12 Jan 2009 16:05:00الاتحاد الاماراتية

الصحف المصرية تعلن الحرب على الجزيرة وقطر !!





















بداية أريد أن أنوه أن ما ستتفضل بمشاهدته من رسوم كاريكاتيرية ومانشيتات صحفية ومقالات ليست من وحي صحف مصرية صفراء لكنها مقتبسة من اشهر الصحف القومية وخاصة جريدة "أخبار اليوم" بدأ الأمر بعد الساعات الأولى من بدء الهجوم على غزة حيث همت الصحف القومية لتوضيح السبب الرئيسي الذي أودى بأهل القطاع إلى التهلكة وبالطبع كانت حماس على رأس القائمة فلا تكاد تخلو تلك الصحف وبشكل يومي من إدانة إسرائيل وحماس معا, أمر لا يجعل طهران ودمشق في مأمن من حبر الأقلام,وما أن دعت "الدوحة" إلى القمة العربية الطارئة من اجل غزة حيث انتبهت تلك الصحف إلى هذه الدولة الصغيرة التي تريد "حيازة الزعامة العربية" وهذا من شأنه تحقير وتهميش للدور المصري فيخرج الكاتب الشهير"احمد رجب" بوصفه قطر "الزائدة الدودية" لدى الوطن العربي فهي تحدث ضجيجا أكثر بكثير من حجمها..
من جهة أخرى تتنامى تغطية "الجزيرة" للحرب على غزة ويعلو صوت ضيوفها من المحللين المنتقد وبشدة لرد الفعل المصري الرسمي, لذا يحل "حسان أبو لسان"ومن فوقه عبارة "قناة اللئيمة"ضيفا شبه يومي على صفحات"أخبار اليوم" وبالطبع في إشارة إلى "الجزيرة" خاصة وان رسام الكاريكاتير اختار طول اللسان كتعبير لمذيعي"الجزيرة" وفي صباح يوم الأحد وبعد يوم من بدء العدوان تعرض الجريدة صفحة كاملة تحت عنوان"جزيرة الشر" تتخللها صورة لوضاح خنفر وبعض مذيعي الجزيرة وكلهم متهمون بالإساءة إلى مصر وتشويه سمعتها فهم"كتيبة فلسطينية معادية لمصر" وأنها قامت باستضافة "ليفني" فقط لتبييض وجه إسرائيل ولتبرير العدوان, ومضت الأيام على هذا الحال ف"الجزيرة" ماضية في التغطية و"أخبار اليوم" ماضية في نشر "قناة اللئيمة" بل وتعدى الأمر في مهاجمة القناة إلى برامج يومية تذاع على الفضائية المصرية مثل "البيت بيتك" حتى جاء عقد قمة "الدوحة" ليأتي في صباح اليوم التالي هجوما حادا وغير مسبوق على "قطر" بصفة عامة وعلى أميرها بشكل شخصي

فلكم يثيرهم شبح أن الزعامة المصرية تفقد بريقها ولمعانها وأن البساط ينسحب من تحت قدميها رويدا فكل كتاب الجريدة يشكك في النوايا الحقيقية لإصرار قطر على عقد القمة بل وفضلوا العودة إلى ملفات قديمة بنشر صور لمصافحة الأمير"حمد" مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية وعرض للعلاقات الإسرائيلية القطرية على مدى الأعوام السابقة وهذا يوحي بمرحلة مقبلة تشهد توترات ومآزق سياسية بين البلدين ولن يكون حلها أمرا هينا.. ولعل هذه الحملات تثير في نفسي الكثير من الأسئلة, فأي إعلام بديل استطيع أن أتابعه ان كانت"الجزيرة" كذلك؟ فالأخبار التي نتلقاها من قنوات أرضية ومحلية لا بد وأن تكون مطرزة بعبق السلطة !! وصور مصافحة أمير قطر مع"ليفني"... ألا يوجد نظير لها ولكن بين "أحمد أبو الغيط" والرئيس المصري مع"ليفني"؟!!

,هنا تراشق إعلامي وحروب قمم وانشقاق في الصف العربي وفي القيعان وعلى بعد بعض الكيلومترات منا رصاص مصبوب ينهال على رؤوس أهالي غزة, وفي كل ثانية تزهق أرواح وأرواح... ..
19/01/2009
محمد شاكر - الجزيرة توك - الإسكندرية - مصر

روسيا.. هل يبدد صمتها بغزة أوهام عودة إمبراطوريتها؟



بعد
أحداث أوسيتيا الجنوبية في أغسطس/آب 2008 استبشر الكثير من العرب بعودة روسيا قوية إلى الساحة الدولية، بعد سبات طال، كلاعب قطبيّ خاصة عندما أصبحت سفنها الحربية تمخر عباب المحيطات وترسو على الضفاف الأميركية. لم تُنكر موسكو على لسان قادتها أنها بعد معاقبة جورجيا أصبحت عاصمة لدولة مختلفة عمّا سبق، وأنها لن تتردد في الإقدام على أي شيء من أجل الحفاظ على مصالحها الإقليمية والدولية.

لكن الهجوم الإسرائيلي على
قطاع غزة بدّد الكثير من أوهام العرب الذين أصيبوا بالخيبة لصمت روسيا المطبق إزاء ما حدث على مدى ثلاثة أسابيع تعرض فيها أهل غزة إلى التقتيل والتدمير.

واقتصر اهتمام الرئيس الروسي
دميتري ميدفيديف على مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في حين هاتف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، وقام نائب وزير الخارجية ألكسندر سلطانوف بزيارة عواصم المنطقة لم تسفر عن أي نتائج ولا حتى عن تصريحات.

وحتى العرب المقيمين في روسيا فإنهم لم يتمكنوا من الحصول على ترخيص لتسيير مظاهرات احتجاج إلا بعد تدخل الحزب الشيوعي الروسي وحصوله على ذلك للعشرات منهم.
والحقيقة أن موسكو لم تَعِد العرب بشيء ممّا انتظروه هم منها وما كانت أمانيّهم إلا أضغاث أحلام لم يتردد السياسي الروسي المخضرم يفغيني بريماكوف في حديث مع الجزيرة نت في تسميتها بالأوهام التي لم يكن لها أي أساس حتى في الحقبة السوفياتية.


مصالح روسيا فقط
وأضاف أن روسيا غير مستعدة للخوض في أي معارك من أجل العرب، وأنها لن تنطلق من غير مصالحها ولا تسعى إلى غير الإسهام في التوصل إلى سلام في المنطقة، مشددا على أن روسيا "لم تكن أبدا مستعدة للدخول في حرب بهدف حماية العرب.. روسيا تفضل حلّ الأزمات بطريقة سلمية، وإن كان أحد في العالم العربي يعتقد أنه قادر على الجلوس في المنزل واحتساء الشاي وأن آخرَ في هذه الأثناء سيقف في وجه الأعداء لحمايته فهو مخطئ تماما".

حاولت موسكو أن تبيّن للعالم أنها تحافظ على استقلاليتها في إقامة علاقة بحركة حماس، واستدعت خالد مشعل إلى موسكو حيث التقى بوزير الخارجية الروسي وكانت لأسامة حمدان أيضا زيارة غير رسمية لموسكو في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. إلا أن هذه العلاقة ظلّت تراوح بين الاعتراف بالوجود وعدم الاعتراف بالتمثيل المقتصر على السلطة الفلسطينية، وإن كان موقف موسكو يتميز مبدئيا عن الموقف الأميركي خصوصا والغربي عموما من حيث إنها تعتبر حماس منظمة سياسية وليست إرهابية.

في المقابل تتمتع إسرائيل في الدبلوماسية الروسية الحديثة بموقع خاص بلغت حد إلغاء التأشيرات بين الدولتين وحتى تورطُ إسرائيل الفاضح في حرب القوقاز إلى جانب الرئيس الجورجي ساكاشفيلي والذي وثقته وزارة الدفاع الروسية، فإنه لم يؤثر في مجرى هذه العلاقات، في حين رأينا موسكو تُغلظ في معاقبة أوكرانيا على "الذنب" نفسه في القوقاز.

يرى مراقبون أن العقدة الرئيسية التي ربطت بها موسكو دورها في الشرق الأوسط هي دخولها طرفا في الرباعية زمن ضعفها دون أن يكون لها دور يذكر بالقياس إلى الدور الأميركي، وهي لذلك تظل تلهث لتعزيز هذا الدور وتسعى من أجل عقد مؤتمر خاص بالشرق الأوسط ظهر الأمل بتنظيمه إثر مؤتمر أنابوليس في الولايات المتحدة وهناك من سمّاه أنابوليس 2 في موسكو.

وقد لاقت الدعوة الروسية قبولا عربيا في السنة الماضية ولكن التعنّت الإسرائيلي بحصر الرعاية في واشنطن أفسد على موسكو تظاهرتها التي لم تفقد لحد الآن الأمل في عقدها وإن تم ترحيلها إلى العام الحالي وتم النص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1860 الخاص بالأوضاع الأخيرة في غزة. وحتى هذا المؤتمر فإن موسكو قد أعلنت على لسان وزير خارجيتها أن الذي سيمثل فلسطين فيه هو السلطة الشرعية الفلسطينية المتمثلة بالنسبة إلى موسكو في محمود عباس.


تعتيم إعلامي روسيهذا الكساد السياسي الروسي اتجاه الشرق الأوسط يترافق مع نشاط إعلامي منقطع النظير لإغلاق أي منافذ من شأنها أن تطلع المواطن الروسي على حقيقة الأمور في فلسطين، وذلك عبر السيطرة المحكمة لأصدقاء إسرائيل على معظم وسائل الإعلام الروسية المرئية والمسموعة والمكتوبة الناطقة باللغة الروسية، رغم وجود بعض الشخصيات الإعلامية الروسية التي تحاول فك هذا الحصار الإعلامي، ومن هؤلاء رئيس تحرير صحيفة "الغد" ألكسندر بروخانوف الذي أصدر كتابا تحت عنوان "المجد لأبطال حماس".

ومنهم أيضا الإعلامي الروسي المعروف مكسيم شيفتشينكو الذي يرى أن على موسكو أن تعلن عن مواقف واضحة إزاء ما يحصل في الشرق الأوسط، وهو ما أكده في تصريحه للجزيرة نت من أنه إذا "لم تعبّر موسكو عن موقفها الواضح تجاه ما يجري في الشرق الأوسط فإن دور روسيا سيتم تهميشه في العالم بأسره ولن تستطيع أن تلعب الدور الذي ينبغي أن تلعبه فيه، وهذا خطأ كبير".

وأكد وزير الخارجية لافروف أثناء لقائه بالسفراء العرب لدى موسكو الثلاثاء على "ثوابت" موسكو الشرق أوسطية والمتمثلة في الدعوة إلى السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وبين الجانبين الفلسطينيين في رام الله وقطاع غزة. وجدّد الدعوة إلى مؤتمر موسكو للسلام الذي يرى لافروف أن العدوان الأخير على غزة لم يفرغه من محتواه بل بالعكس يجعله أكثر إلحاحا. وأبدى لافروف استعداد بلاده لتقديم أي مساعدات إنسانية لازمة لسكان غزة، وقال إن موسكو تتشاور مع السلطات في غزة بهذا الشأن، ولكن لم يصدر أي تنديد بالعدوان الإسرائيلي عن الوزير الروسي.

كما جدد لافروف تبنّيه للمبادرة المصرية وأعلن أن موسكو ستحضر مؤتمر المانحين الذي ستنظمه مصر في منتصف فبراير/شباط المقبل وستساهم بكل ما أوتيت من إمكانات في إعادة إعمار غزة.

بين حربين
لم تستطع موسكو أن ترسم خطا بين الحرب على أوسيتيا الجنوبية والعدوان على غزة. لقد حوّلتها ليلة من القصف الجورجي على عاصمة
أوسيتيا الجنوبية إلى دولة عظمى حطمت الجيش الجورجي في أيام عدة.

ولكن القصف المستمر لثلاثة أسابيع على غزة لم يثر موسكو حتى لإصدار بيان تشجب فيه العدوان الإسرائيلي بشكل واضح.

هل خسرت موسكو بهذا الصمت فرصة لإسماع صوتها المدوي دوليا؟ ربما ولكن قادة الكريملن ينظرون إلى العالم عبر منظارهم الخاص وهم أدرى بمصالحهم، وما دامت هناك أطراف عربية أقرب إلى غزة نَسَبا وأرضا آثرت عدم نصرة أهل غزة فمن سيلوم روسيا على عدم اختيار الطريق الصعب؟
يبقى أن هناك دولا أخرى تعلن منذ فترة عن اشتداد عود دبلوماسيتها وبشكل مبدئي كما هو الحال بالنسبة إلى تركيا التي تحرّكت بنشاط أثناء أزمة القوقاز وتحرّكت بهمة وكرامة أثناء العدوان على غزة. وإذا قارنت روسيا نفسها بمثل هذه الدول وليس بالدول العربية "المعتدلة" فإنها ربما ستكتشف أنها فوتت فرصة فعلية للعودة قطبا دوليا يحسب له كل حساب في العالم بدل أن تحصر نفسها في جلد القطب الإقليمي الذي ينازع دول الفضاء السوفياتي السابق على الولاء، وموسكو خير من يعرف أن وراء الأكمة الإقليمية ما وراءها من المشاريع الدولية.
الأربعاء 25/1/1430 هـ - الموافق21/1/2009
المصدر:
الجزيرة

"حماس" يخصوننا بأخبار قبل غيرنا.. وتعبير "شهداء" مختلف حوله



ردّ مدير عام قناة "العربية" الإخبارية عبد الرحمن الراشد، على الاتهامات التي طالت القناة حول تغطيتها لأحداث غزة، ونفى، جملة وتفصيلاً، أن تكون "العربية" ممثلة لوجهة النظر الأمريكية في المنطقة، متحدياً من يدّعي ذلك، إثباته. واتهم "جماعات سياسية" بإدارة حملات ضد القناة، بهدف تصفية حسابات خاصة معها، مؤكداً أن مسؤولي حركة "حماس" يراعون "العربية" ويحرصون عليها أكثر من غيرهم، نفياً إغلاق مكتبها في غزة. وعن تسمية ضحايا الهجوم الإسرائيلي على غزة بالـ"قتلى" وليس "شهداء"، لفت الراشد إلى كون هذه المسألة محل خلاف بين علماء المسلمين أنفسهم، وليس فقط الإعلاميين. واستشهد بالقرآن الكريم، "الذي سمى ضحايا المسلمين بالقتلى".
وردّ على المطالبة بإقالته، بتأكيد رفض تحويل القناة إلى "جهاز دعائي" تسعى لتوجيه الناس بدلاً من تقديم الأخبار، وإتاحة الخيار للناس لتبني المواقف التي يريدونها. كما علّق على إلقاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي بحذائه صوب الرئيس الأمريكي، معتبراً أن "حذاء الزيدي رفّه عنا، لكن غزة أعادتنا إلى الواقع الأليم الذي لا تفيد فيه الأحذية".جاء كلام الراشد في في حوار مع الزميل عبدالعزيز قاسم، نشرته صحيفة "عكاظ" السعودية، الخميس 15-1-2009، وفي ما يلي نصه الكامل:

س: سأبدأ مباشرة معك من الاستياء الشعبي العارم تجاه تغطية قناة العربية لأحداث إخوتنا في غزة، في مقابل قنوات منافسة لكم كالجزيرة، التي اكتسحت شعبيتها العالم العربي من أقصاه لأقصاه، بسبب تغطيتها انطلاقا من واجبها القيمي.

ج- كالعادة تطلقون الأحكام، وتعممون الأرقام، وهذه من عاداتكم. قلت "شعبية الاستياء" كيف عرفت بشعبيته إلا إذا كان السيد حسن نصرالله هو قدوتكم. في خطابه الذي خصنا بتحيته عندما سمى "العربية" بالعبرية وأنها تقطع تغطيتها و.. و..،، كان يعترف بأنه جالس يشاهدها كل يوم. ولو فرضنا أنه تم اكتساح "العربية"، فما الذي يغيظكم حتى تشن هذه الحملة عليها من خصومها في كل مكان، إلا لأنها قوية ومؤثرة على عشرات الملايين. اسمح لي أن أقول لك بأن "العربية" محطة إخبارية صادقة مع الناس، نقلت الحدث منذ الدقيقة الأولى من بداية القصف الجوي الإسرائيلي لغزة، واستمرت بلا كلل. نحن في موسم أزمة أخرى، ولأنها محطة ذات تأثير هائل في عرض العالم العربي، فإن وجودها يزعج البعض لهذا يحاربونها.

س: أنت إعلامي، وتتفهم بأننا هنا ننقل ما يشاع عنكم ويكتب، وحتما تستطيع قراءة الكثير ضد قناة "العربية"...؟

ج- نحن مع غزة وأهلها منذ أول دقيقة من القصف الجوي الإسرائيلي، مع هذا، هناك حملة ضد "العربية" من جماعات تريد أن تصفي حساباتها السياسية، لأنها المحطة الأقرب إلى الحقائق. قادة حملة التشويه لا يمكن أن ينسوا أنها الوحيدة التي أحبطت عليهم غزو بيروت الغربية قبل عام، وهي التي تفسد عليهم اليوم مشروع نقل معركة المائة مليون مشاهد عربي من غزة بالهجوم الدعائي والتحريضي ضد المملكة ومصر والخليج. انظر ما يحدث بشأن النزاع على عقد قمة عربية، إنه ليس تسابقا خيريا بريئا، بل جزء من مشكلة ومعركة مؤسفة.

س: كلامك خطير هنا، ولربما أشارت صحيفة "الأخبار" اللبنانية إلى ذلك، حيث قالت نصا، وعذرا منك، بأن عبدالرحمن الراشد يدير غرفة عمليات في العربية في معركة للدفاع عن الطرف الآخر ونجدة المصريين؟

ج- وظيفتي هي إدارة "العربية"، ولا تحتاج المسألة إلى اكتشاف من قبل "الأخبار"، ولأنها صحيفة تابعة لحزب الله من الطبيعي أن تغضب من "العربية" وتحاول كسرها منذ الأيام الأولى لمعركة غزة.

بين "الجزيرة" و"العربية"

س: سأنتقل معك -أستاذ عبدالرحمن- إلى محور به بعض الحساسية، وهي المقارنة بما تقدمونه أنتم وما تقدمه قناة "الجزيرة" في هذه المعركة الإعلامية الحالية؟

ج- "العربية" تختلف بأنها مهنية، محطتنا إخبارية، أما الغير فقد جعلوا محطتهم تعبوية، دعائية. والفارق هائل بين محطة إخبارية وأخرى تعبوية، تسخر نفسها لدفع الناس باتجاه هدف محدد بغض النظر عن الحقائق وقواعد المهنة وأصولها و...

س: سامحني على مقاطعتك، لأنني سأطلب منك أدلة لما تتهم به وتقوله..

ج- عندما خرج السيد حسن نصرالله ودعا للعصيان في مصر، قمنا ببث كلامه في كل نشراتنا الإخبارية، واتبعناه في كل نشرة بصوت مصري يرد عليه. أما المحطات التعبوية؛ فقد كانت تبث تحريض الأمين العام لحزب الله، ثم تتبعه بتعليق يصب النار عليه من حماس في دمشق أو الإخوان المسلمين، أي بثوا كلاما مكررا أو مكملا أو مؤيدا. هذا هو الفارق بين محطة تعبوية وأخرى إخبارية. نحن لم ندافع عن المصريين بل قمنا بواجبنا الإخباري، تصريح نصرالله وتصريح يرد عليه. فعلنا الشيء نفسه في الخلاف الذي دب بين فتح وحماس في البداية حول مسؤولية نشوب الحرب، جئنا بشخصية حماسية في كل مرة ظهرت عندنا شخصية فتحاوية. العكس تماما كان يحدث عند الصف التعبوي. نحن نحترم عقل المشاهد فنقدم له الصورة كاملة، ولا نملي عليه شيئا، ومن يشاهد الحقائق في غزة، حتى إن كان معدل الفهم عنده منخفضا، سيعرف أن ما يحدث جريمة كبرى ترتكب بحق الفلسطينيين، لكن الدفاع عن فلسطينيي غزة يجب ألا يكون على حساب المصريين أو السعوديين من أجل خدمة إيران أو غيرها، وواجبنا هنا أن نقدم له كل الصورة لا بعضها. ومن نعم الله على المشاهدين أنهم يعيشون في زمن الريموت كونترول "يرمتون" كما يشاؤون.

س: ولكن اسمح لي -أستاذ عبدالرحمن- هنا في هذه النقطة، ولأقلبها عليك أيضا، فمن تابع تغطيتكم سيجد أنكم تمثلون وجهة النظر الأمريكية والصهيونية في أن الحرب على حماس وحماس فقط.. وتلوبون في نشرات أخباركم وشريط الأخبار وتقاريركم حول تأكيد هذا الموضوع..

ج- حتى (إذاعة حزب الله) في ما أظن رددت هذا الكلام على "العربية"، لكنني أتحداك أن تجد شيئا مما قلت على شاشة "العربية"، هذا كلام كاذب جملة وتفصيلا. وطالما أن من ردد هذا الكلام هي (إذاعة حزب الله)، فهذا يثبت صحة كلامي.
ضيوف منحازون

س: سأترك الفصل في هذه المسألة للإعلاميين المتخصصين المستقلين، وأظل معك في نفس النقطة، فلو رصدنا حواراتكم مع ضيوفكم، ليتلمس الراصد أن نوعية الضيوف الذين تجلبونهم هم منحازون لهذه النظرة، هاك مثالا في دحلان.. الذي له موقف منحاز لإسرائيل ونبذه حتى الفتحاويون، وكان مهملا فجلبتموه في الأيام الأولى للهجوم الصهيوني.

ج- ضيوفنا كلهم كل الفاعلين في الأزمة، ظهروا على الشاشة، وسبق أن قلت لك لماذا وكيف. دحلان ظهر مرة واحدة في كل الأزمة وطالب بتوحيد الصف وراء حماس في غزة. أيضا، ومنذ اليوم الأول كان الحماسيون على شاشتنا بلا انقطاع، وبكثرة لا يمكن أن تقارن بأي فريق سياسي أو حزبي آخر ظهر على "العربية". كلهم ظهروا؛ من أسامة حمدان إلى محمد نزال وموسى أبومرزوق، وقمنا ببث خطب خالد مشعل وإسماعيل هنية ومحمود الزهار وغيرهم. أنت لم تسألني عن الضيوف الإسرائيليين لأنك تعرف أن محطتك المفضلة تستضيفهم كل ليلة تقريبا، في حين يندر أن يظهروا على "العربية". وبالتالي من منا يستحق أن يسمى بالعبرية!

س: (ضاحكا) ليست قناتي المفضلة فقط، بل لملايين المشاهدين، وأتفهم تماما ما رميت به "الجزيرة" أنها هي العبرية، ولكن طالما طرحت موضوع الإسرائيليين. إعلامي مثلي، يميز تماما كيفية انتقاء ضيوفكم مع قناة منافسة كـ "الجزيرة"، مذيعو الأخيرة لا يتركون الضيف يدلي برأيه فقط، بل يجابهون الضيف بكل سجالية، ويعبرون عن كل الأسئلة التي تختمر في داخل الإنسان العربي، فيما يكتفي مذيعوكم بإعطائهم الفرصة ليقول ما لديه، دون أدنى محاولة من مذيعيكم في استكناه الأسئلة التي تلوب في نفس المشاهد العربي.

ج- الزملاء يسألون ويحاورون، ويقومون بواجبهم الصحفي ويعطون الضيوف فرصة للرد، وليس فقط للحضور.

س: أنا أرد عليك هنا أستاذ عبدالرحمن، عبر هذه الدلالة الرمزية التي لا تخفى على إعلامي عريق مثلك، في أن "حماس" أغلقت مكاتبكم، فيما الدولة الصهيونية وبخت "الجزيرة" واتهمتها بالانحياز ضدها.. كيف تقرأ ذلك؟

ج- من أكاذيب الحملة إشاعة أن "حماس" أغلقت مكتبنا في غزة، والمضحك أن الذي نشر الكذبة في أحد المواقع الإلكترونية طلب من الناس أن تشاهد "العربية"، حيث لا يوجد مراسل لها يظهر من غزة، وبعد دقائق من تلك الرسالة المشبوهة طلبنا من زميلنا إسلام أن يخيب آمالهم فأطل على الشاشة من مكتبنا من غزة، ثم ظهرت زميلتنا حنان. أما بالنسبة للإسرائيليين وعتابهم لـ "الجزيرة" فهو أمر يخصهم، ولا يهمني أن أعلق عليه.

س: هل أفهم من إجابتك أن "حماس" راضية عليكم، أنتم يا قناة "العربية"؟

ج- قد تعجب إذا قلت لك إن الإخوة في حماس هم أكثر حرصا على "العربية" من غيرهم، وقد قاموا -مشكورين- بالتأكد من سلامة زملائنا على الأرض، وفي مرات كثيرة كانوا يخصون "العربية" بأخبار قبل غيرنا. والله كنا نخجل من حساسيتهم تجاهنا، وهم في وضع عسكري وإنساني أعظم من قضايانا التنافسية الصغيرة، إلى درجة أنهم أجلوا بث كلمة خالد مشعل لساعتين مراعاة لإشكال فني من جانبنا، مع أنها كلمة موجهة للعالم، وليست خاصة بنا. ومحمد نزال كان يحتمل الانتظار ويبقى على الشاشة لوقت طويل على العربية، رغم أننا نبدل الضيوف معه.

القتيل أم الشهيد

س: والله لن تفاجئني وحدي بهذه الإجابة، بل سيتفاجأ معي كثيرون لديهم غير هذه المعلومة، عموما سآتي للإشكال القديم معك، الذي طرحته معك في (مكاشفات)، جمهرة كبيرة من علماء المسلمين قالوا بأن الحرب في فلسطين هي من الجهاد اليوم، وبالتالي فإن من يسقط من المسلمين فهو شهيد، "العربية" تصر على أن تسمي شهداء غزة بالقتلى، لماذا؟

ج- هذه مسألة محل خلاف بين علماء المسلمين أنفسهم، لا الإعلاميين فقط. مهنيا يفترض ألا تقرر المحطات التلفزيونية في التقرير الإخباري الشهادة لأحد، بل تقدم المعلومة وتترك للمشاهدين والمعلقين والضيوف أن يكملوا الحدث بالرأي. يا أخي اسمح لي أن أذكرك أنه عندما كان يقتل العزل المدنيون في المملكة من قبل القاعدة ظلما، كانوا يوصفون بالقتلى في الإعلام العربي، وكذلك ضحايا في مصر والجزائر والمغرب وآلاف المدنيين في العراق، كلهم يسمون بالقتلى. أما عندما يقتلون في لبنان أو فلسطين يصبحون وحدهم شهداء. نحن في "العربية" ننسجم مع أصول العمل الصحفي التقريري. سمينا رفيق الحريري قتيلا، رغم أنه قتل غيلة، وكذلك سرنا على نفس النهج المهني مع كل ضحايا العنف والظلم في كل مكان. والشيخ محمد بن عثيمين (رحمه الله) كان حاسما برفض تسمية القتلى بالشهداء. وإذا كان رأي سماحته، أسكنه الله فسيح جناته، لا يقنعكم، فما قولكم في كتاب الله الذي سمى ضحايا المسلمين بالقتلى، فمن أنتم حتى تستنكروا علينا ذلك. "العربية" أكثر تعاطفا ورحمة بأهل غزة من غيرها، تقريرا ورأيا وطرحا، أما البعض الآخر فيستخدمونها للمزايدة والشعبوية. قياس التعاطف ليس بالكلام بل بالفعل، و"العربية" بادرت من أول بداية نهر الدم؛ ففتحت شاشتها تحث على نجدة أهلنا في غزة عبر المنظمات الإغاثية مثل منظمة الأونروا، وأطباء بلاحدود، والندوة العالمية للشباب الإسلامي.

س: أصدقك القول أنني متفاجئ مرة أخرى باستشهادك بالشيخ ابن عثيمين، ولعل ذلك يكشف جانبا في ثقافتك وقراءاتك، ولربما أبادرك بسؤال في استشراف رؤيتك عن هذه الحرب الإعلامية الدائرة وقد خضت حروبا كثيرة مثلها؟

ج- الحروب الإعلامية تتشابه، إلا أن الدروس تمر دون أن نتعلم منها. تعتقد أن الناس تدربت من الحروب الإعلامية الماضية على التمييز، وتظن أن الوسائل الإعلامية تعلم أن الكذب حبله قصير، لكن ذلك ليس صحيحا، والحرب الحالية ليست خارج هذا السياق.
مطالبة بالإقالة

س: بالتأكيد، اطلعت على مقالات وتقارير تهاجمك شخصيا، خلال الأسبوعين الماضيين، حتى إن أحد خصومك كتب يقول إن عبدالرحمن الراشد خلط بين الخلاف السياسي مع دول محور إيران ومنها حزب الله وحماس، وأنه ارتكب خطأ في إدارته لحرب حماس الإعلامية الحالية، وطالب صراحة بإقالتك من منصبك، هل من تعليق؟

ج- الإقالة أرحب بها من حيث المبدأ، لكن أرفض التفسير الذي ذكرته. "العربية"، أكرر، هي محطة أخبار لا جهاز دعائي يريد مني الإخوة الغيورون مسخها وقيادة الناس في اتجاهات ترضيهم سياسيا. إذا كنت خروفا عليك أن تشاهد المحطات الأخرى، أما إذا كنت تجد في نفسك صقرا حرا، وتريد معرفة الحدث بتفاصيله الضرورية فإن "العربية" نافذة مفيدة لتشكل رأيك كاملا، دون أن تضطر إلى تبني موقفها إن كنت تشعر أن فيها موقفا لا يرضيك.

س: ما يشجعني على أن أمضي في أسئلة استفزازية، أنني أمام إعلامي يعرف بعض متطلبات الحوار الصحافي، لذلك أسألك عن هذا الخبر، الذي انتشر في نطاق واسع في الانترنت، وهو خبر حصولك أنت ورئيس تحرير "الشرق الأوسط" على جائزة صديق إسرائيل لعام 2008م، وذلك مذكور في موقع فيلكا الإسرائيلي، أولا ألف مبروك، وثانيا بودي أعرف كم قيمة الجائزة؟..

ج- نطاق واسع! أعجبني إطلاقك هذا الوصف، فإن كان صحيحا فهذه مشكلة؛ لأن مصدر الخبر عندكم صار هذه الأيام موقعا، مثل دبكة وفيلكا الذي يسمي نفسه إسرائيليا حتى يقنعكم. فيلكا هذا موقع تابع لحزب الله، متخصص في شتم المملكة.

حذاء جورج بوش

س: من أسف أن أحداث غزة أوقفت وفوتت علينا كإعلاميين الشماتة في صديقك المغادر جورج بوش، وهو يتلقى هدية وداعه عبر حذاء منتظر الزيدي.. ألا ترى أن الاحتفاء، ليس العربي فقط، بل العالمي بتلك الحادثة، هي تعبير عن سنوات حكمه.

ج- لا أظن أن حرب غزة فوتت عليكم الشماتة، فقد أمضيتم معظم شهر ديسمبر للاحتفاء بحذاء منتظر، وأنا كتبت أيضا بأن منتظر رفه عنا كثيرا بحذائه. غزة أعادتنا إلى الواقع الأليم الذي لا تفيد فيه الأحذية.

س: مهما أغضضت الطرف أو حتى بررت له أستاذ عبدالرحمن، ألا تتفق معي أن ذلك الحذاء قد خلده التاريخ، ولن يتذكر الناس أي إنجازات، سوى وداعه بتلك الطريقة التي تليق به جزاء جرائمه في العراق وأفغانستان. وإذا ما ذكر بوش في مستقبل الأيام، سيذكر مباشرة بذلك الحذاء.

ج- أعتقد أن بوش لا يمانع في أن ينشغل الناس برميه الحذاء على أن يتذكروه ويخلده التاريخ بصور غوانتانامو، وغيرها

العربية.نت
الخميس 18 محرم 1430هـ - 15 يناير 2009م

الجزيرة تقرر وبي بي سي ترفض بث نداء استغاثة لغزة



تبدأ قناة الجزيرة الإنجليزية الاثنين بث نداء استغاثة لجمع تبرعات لضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو نداء رفضت هيئة الإذاعة البريطانية بثه رغم تعاملها سابقا مع استغاثات تصدرها لجنة الإغاثة البريطانية.

وتعهدت الجزيرة الإنجليزية في بيان بأن يصل النداء مجانا إلى جميع البريطانيين في إنجلترا وخارجها، وإلى جمهورها الذي يفوق 130 مليون شخص.

وانسجاما مع مبادئها، قررت نشر نموذج التبرع على موقعها ليتاح للراغبين في التبرع.
واجب القناة
وقال مدير الجزيرة الإنجليزية توني بورمان إن بث النداء التزام بواجب القناة في دعم ضحايا الكوارث المدنيين، وتنفيذ لمبدئها بأنها صوت من لا صوت له.

وتمسك المدير العام لـ"بي بي سي" مارك ثومبسون أمس بموقف هيئته حفاظا على ما سماه "عدم المخاطرة بثقة الناس بالهيئة، وحياديتها في تغطية الأخبار".

وتحججت بي بي سي بأنه "لا يمكنها التأكد من أن المساعدات الإنسانية ستصل للمحتاجين"، وهو تبرير تراجعت عنه بعد أن اقترح عليها معارضو قرارها التأكد من مصير المعونات عبر المنظمات الإنسانية البريطانية في غزة.
كما تحججت برفض هيئات أخرى بث المناشدة وهو مبرر سقط أيضا.

فقد قالت "سكاي نيوز" إنها ستفكر جديا في الموضوع، فيما قررت بث النداء كل من القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني و"آي تي في" التي تحججت بداية بعدم إجماع مذيعيها.

شعبيا ورسميا
وشكر رئيس لجنة الكوارث البريطانية للجزيرة مبادرتها بالتعاون مع لجنته، وقال إن حجم المعاناة الإنسانية في غزة دفعها لإصدار نداء استغاثة، كما هو معتاد.
وأثار قرار "بي بي سي" ضجة في أوساط شعبية ورسمية في بريطانيا، واتُهِمت بالإذعان لـ"اللوبي الصهيوني".

وتظاهر مئات أمس أمام مقرها، وسلموها رسالة احتجاج، وهتفوا "بي بي سي عار عليك" و"بي بي سي راديو إسرائيل".

وقال السياسي البريطاني توني بن لمراسل الجزيرة نت مدين ديرية "إن الناس يموتون في غزة جراء القصف.. وبي بي سي ترفض بث نداء استغاثة"، وتوقع في خطاب إلى المحتجين تراجعها بسرعة عن قرارها.
بي بي سي وحماس
كما ذكّر النائب البريطاني جورج غلاوي بي بي سي بأن ناسا في غزة أزالوا الخطر عن مراسلها آلان جونستون، وشكرت هي من أجل ذلك حماس ورئيس الوزراء في الحكومة المقالة إسماعيل هنية.
وقال عضو مجلس اللوردات نظير أحمد إن مبررات "بي بي سي" غير مقنعة، والتفسير المنطقي هو ضعفها أمام ضغط "اللوبي الصهيوني"، وذكر ببثها استغاثات في أزمات كبيرة كالكونغو والسودان ولبنان والعراق، ووصف ما جرى في غزة بأنه أكبر من كارثة وقال عنه إنه مذبحة.

كما ذكّر نظير بأن مسلمي بريطانيا أكثر من مليونين ويتعين على "بي بي سي" الاستماع لصوتهم، لأنهم يشاركون في تمويلها، لكنه حيا الموقف الرسمي والشعبي من قرار الهيئة.

انتقاد رسمي
وطلب وزير التنمية الدولية دوغلاس ألكساندر من "بي بي سي" التراجع عن قرار وصفه وزير الصحة بن برادشو بأنه لا يقبل التفسير، واتهم الهيئة بالخوف من حكومة إسرائيل.
وقال رئيس هيئة المبادرة الإسلامية البريطانية محمد صوالحة إن لجنة الإغاثة البريطانية، منذ تأسيسها في 1964 بمشاركة 13 هيئة خيرية بريطانية، دأبت عند الكوارث الإنسانية على بث نداء لجمع تبرعات جرت العادة على بثه مجانا على "بي بي سي" و"آي تي في" و"سكاي نيوز" والقناة الرابعة، ولم يحدث أن استنكفت أي من القنوات عن ذلك.

الأحد 30/1/1430 هـ - الموافق25/1/2009
المصدر: الجزيرة + وكالات