الأحد، 18 مايو 2008

«ليلة البيبي دول» يتلعثم فكريًا وفنيًا!!

ابطال الفيلم

طارق الشناوي يكتب من «كان»:
شاهدت الفيلم المصري «ليلة البيبي دول» ووجدت أمامي علي الشاشة محاضرة في تاريخنا المعاصر، بل أحيانًا كثيرة كان المخرج يحرص علي أن يعود بنا إلي التاريخ السحيق للبشرية ولا بأس من كل ذلك علي شرط أن نري في نهاية الأمر حالة إبداعية تتوازي وتتوحد مع الطموح الفكري ولكن لا شيء من هذا عبر عنه الفيلم ويجب أن نفرق بين عدة نقاط رئيسية، هناك فرق بين انتقادي الفيلم وتحفظي علي أسلوب الدعاية الذي سبق عرضه، فأنا مع المنتج الإعلامي الكبير عماد أديب في أنه يرصد كل هذه الأموال لكي نري إعلانات الفيلم علي أغلفة ثلاث مجلات كبري لتسويق فيلمه، لكني أرفض الخلط بين الإعلام والإعلان لأن احتفاء المجلات العالمية بالفيلم مرجعه قوة الإعلان وليس جدارة الفيلم، كما أنني أري أن تصوير شريط تعرضه الفضائيات لأبطال الفيلم علي سلم قاعة لوميير باعتباره حدثًا فنيًا في «كان» هو خلط آخر للأوراق لا يجوز اللعب به، كما أنني في نفسي أدرك الجانب الإنساني للأشقاء الثلاثة «عماد» و«عمرو» و«عادل» في تكريم والدهم الكاتب الكبير «عبدالحي أديب»، الذي اقتربت منه علي مدي 11 عامًا في لقاءات شبه يومية في لجنة المهرجانات وأحمل له ذكريات ومواقف خاصة تشي بالكثير من اللمحات الإيجابية لهذا الكاتب الكبير، كما أن تاريخ عبدالحي أديب وتنوع إبداعاته ومكانته في السينما المصرية لا تدخل إطلاقًا في تقييمنا لآخر أفلامه «ليلة البيبي دول»، أخطأ المخرج عادل أديب عندما استسلم للأفكار التي طرحها في فيلمه وقدمها في قالب أشبه بالمحاضرة المدرسية، أخطأ أيضًا عندما تزاحمت عليه الأفكار، وأراد أن يقول كل شيء في تلك المساحة الزمنية المحدودة فكان يلهث من أحداث «أبوغريب» إلي «الهولوكست» ومن غزة إلي العراق ومن مصر إلي أمريكا وكل هذه الانتقالات الفكرية والتاريخية والنفسية كان يعوزها الانسياب الفني، اختار الفيلم ليلة رأس السنة والتي تتوحد فيها كل الأديان والأعراق والجنسيات ليحتفلوا بهذه المناسبة، وأراد أن يقدم دعوة للتسامح مع الجميع فنحن لا نعادي أمريكا لكننا نختلف مع المحافظين الجدد الذين يشكلون الوجه القبيح لها ونحن ننحاز إلي الحزب الديمقراطي، نرفض سلوك بوش وكوندوليزا رايس لكي ليس كل الأمريكيين بوش وكوندوليزا، نتعاطف مع اليهود في محرقة الهولوكست التي أشعلها هتلر لليهود لكننا في نفس الوقت نرفض عدوان إسرائيل العسكري علي المدنيين، يقدم الفيلم دعوة إلي التصالح خاصة أن هناك فريقًا إسرائيليًا يتسامح مع العرب في حقوقهم ويرفض الاعتداء علي المدنيين الفلسطينيين، يرفض الإرهاب الديني مهما كانت دوافعه وهو يري أن الكل عليه أن يتناسي، أنه أول فيلم عربي يقدم مثلاً محرقة «الهولوكست» بكل تلك البشاعة التي تجعلك تتعاطف مع اليهود، خاصة أن إسرائيل من خلال سيطرتها علي العديد من منافذ الميديا الإعلامية والسينمائية تسوق تلك المحرقة بل تجعلها «تابو» لا يستطيع أحد اختراقه أو التشكيك في مصداقيته وإلا تعرض للمحاكمة والمساءلة القانونية، إسرائيل لا تحتاج إلي تعطاف منا كعرب عن تعذيبها وكان هذا هو المبرر الذي من أجله اغتصبوا أراضينا ولا يزالون يمضون في الاغتصاب وإذلال كل ما هو عربي، وكل ما هو حق للعرب، لأن الأفكار تدافعت ولأنه بين الحين والآخر يحتاج الأمر إلي مزيد من الشرح لكل هذه الدوافع والأفكار، ولأنه يسير علي الأشواك الفكرية والإبداعية فإنه كان يضطر في كل لحظة للشرح والتحليل والنفي أحيانًا والتأكيد أحيانًا أخري علي معلومة ما، لم يستطع الفيلم أن يحدث هذا التفاعل الذي تحققه السينما مع الجمهور ليتوحد معها وينفعل ويعيش ويعايش لمحات وتفاصيل الصورة وعمقها وزخمها، نعم هناك بالفعل مجهود في التنفيذ علي مستوي الرؤية البصرية والسمعية ساهم فيه المصور البريطاني هونج ماتيل وواضع الموسيقي التصويرية ياسر عبدالرحمن، وهناك أيضًا إمكانات مادية رصدت للتنفيذ وعدد من النجوم تمت الاستعانة بهم وبعضهم في أدوار صغيرة في المساحة، لكن كان الهدف هو أن يزداد بريق الفيلم بعدد نجومه، إلا أن السينما لا تصنع هكذا وتظل الإضافة الحقيقية للفيلم في قدرته علي الاستفادة بكل هذه الطاقات وليس بمجرد أن يرصع بها العمل الفني مثلما حدث في «ليلة البيبي دول»، شهد الفيلم عودة محمود عبدالعزيز بعد غياب 6 سنوات، ولكن لم أشعر أن هذه هي العودة التي أنتظرها، فليس معني أن يتصدر اسمه الأفيش والتترات أنه عاد، لم أقتنع بأداء أغلب النجوم: نور الشريف وليلي علوي وجمال سليمان وسولاف فواخرجي وجميل راتب، اثنان فقط كانت لديهما إضافة خاصة غادة عبدالرازق وأحمد مكي، أغنية روبي في نهاية أحداث الفيلم أرادت أن تكرر ما سبق أن كررته أفكار الفيلم علي مدي اقترب من ثلاث ساعات، هل ظلمت هذا الفيلم الدعاية الصاخبة أم أنه ضحية التشويش بسبب تضارب وتزاحم وتعدد الانتقالات الفكرية والنفسية والتاريخية؟! الدعاية مهما بلغ مفعولها تنتهي ويتبقي الشريط السينمائي فقط وما شاهدته ينطبق عليه التعبير المصري الشهير «سمك.. لبن.. تمر هندي» فلا مذاق خاص ولا بناء متماسك ولا روح إبداعية لكنه مجرد تلعثم فكري وفني!!
منقول من جريدة الدستور

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

كنت محتاج واحد يوصفلي الفيلم
واخيرا لقيت ... لاني خرجت منه حاسس ان في حاجة غلط
لانه ما كانش فيلم :d